Thursday, October 10, 2019

الانتخابات البرلمانية في تونس: حزب النهضة يحل في المرتبة الأولى وقلب تونس الثاني

فاز حزب حركة النهضة بالانتخابات البرلمانية في تونس، بعد حصوله على 52 مقعدا من إجمالي عدد مقاعد البرلمان البالغة 217 مقعدا. لكن مفاوضات تشكيل الحكومة مع الأحزاب الأخرى لن تكون سهلة.
وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إن حزب قلب تونس، الذي يتزعمه المرشح الرئاسي في انتخابات الإعادة نبيل القروي، جاء في المركز الثاني بحوالي 38 مقعدا، بينما احتل التيار الديمقراطي المرتبة الثالثة وحصل على 22 مقعدا.
ورغم تقدم حركة النهضة إلا أنها فقدت عددا ليس بالقليل من المقاعد التي كانت قد حققتها في الانتخابات التشريعية عام 2014.
وأوضحت الهيئة أنها أسقطت قائمتين انتخابيتين بسبب الإعلانات السياسية التي يحظرها القانون الانتخابي.
وتتماشى هذذه النتائج الأولية الرسمية مع استطلاع للرأي نُشر يوم الأحد، وأظهر تفوق حزب النهضة يليه حزب قلب تونس. لكن البرلمان سيكون مقسما دون حسم الأغلبية المطلقة لحد الأحزاب مما سيتوجب مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية.
وكان حزب نداء تونس وحركة النهضة قد شكلا ائتلافا واسعا، عقب انتخابات 2014، وحصدا سويا 155 مقعدا، إلى جانب 23 معقدا إضافيا بضمّ حزبي التيار الوطني الحر وآفاق تونس للتحالف.
إلا أن التفكك الذي أصاب حزب نداء تونس، فضلا عن وفاة زعيمه، الرئيس الباجي قايد السبسي، أضعف الحزب بشده وأخرجه من صدارة المشهد السياسي التونسي.
وقال راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة في تصريحات سابقة، إنه "سيبدأ التشاور مع الشركاء الذين يشاطرونه الأهداف ذاتها".
وأضاف القيادي في حركة النهضة، أحمد قعلول: "لن نتحالف مع من تحوم حوله شبهات فساد أو فشل في مهمة حكومية حتى لو كان من حركة النهضة، نحن لا نخشى الذهاب للصندوق من جديد".
وعبرت أحزاب الدستوري الحر والتيار الديمقراطي وحركة الشعب عن رفض الدخول في تحالف مع حركة النهضة، وهو ما يُعقد فرص تشكيل ائتلاف حكومي.
وينص الدستور التونسي على أن يتولى الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية تشكيل الحكومة بعد تكليف مباشر من رئيس الدولة.
ولم تحسم نتيجة الانتخابات الرئاسية بعد، وستقام جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية المبكرة، يوم الأحد المقبل.
كانت أولمبيا في الثامنة عشرة من عمرها عندما انتشر مقطع فيديو حميمي لها على وسائل التواصل الاجتماعي دون موافقتها، لتنقلب حياتها بعد ذلك رأسا على عقب.
كان صاحبها هو مَن سجل الفيديو، لكن أولمبيا كانت الوحيدة التي ظهرت فيه. وكان الفيديو خاصا بهما ومن المفترض أنه أُعّد لهما دون غيرهما. لكن صاحبها ينكر أنه هو الذي نشر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي.
وما أن وجد الفيديو طريقه للإنترنت حتى باتت أولمبيا معروفة باسم "المكتنزة المثيرة".
في عامي الثامن عشر سجلتُ مقطع فيديو جنسي مع صاحبي. ولا أدري كيف انتشر الفيديو على واتساب، وقد ظهرتُ فيه عارية دون أن تتحدد هوية صاحبي.
وبدأ الناس يتحدثون عني، أما صاحبي فقد تركني أواجه المشكلة وحدي؛ منكرا أنه هو الموجود في الفيديو هربا من الحرج.
وجعل الناس يتكهنون مَن الذي ضاجعته في ذلك الفيديو.
ونشرت جريدة محلية على صدر صفحاتها قائلة إن مستقبلا واعدا كان ينتظرني كفتاة لولا أن سمعتي ساءت الآن على وسائل التواصل الاجتماعي. وباعت الجريدة أعدادا ضخمة. لقد كانوا يتكسّبون من لحمي.
وكنت أتلقى يوميا طلبات صداقة على وسائل التواصل الاجتماعي من رجال باحثين عن الجنس.
وبدأوا ينادونني "مكتنزة واوتشينانغو المثيرة" في إشارة إلى مدينتي في المكسيك.
ولما بدأ نطاق القصة يتسع أصبحتُ أُدعى "مكتنزة بويبلا المثيرة" في إشارة إلى الولاية التي تتبعها مدينتي.
وقتها شعرت أن حياتي انتهت؛ فحبستُ نفسي في منزلي لثمانية أشهر لم أجرؤ خلالها على الخروج منه.
وكنت لا أزال شابة صغيرة، ولم أدر إلى مَن أتوجه، ولا كيف أرفع الأمر إلى الجهات المعنية.
وفوق كل ذلك، فإن ما حدث وقع في فضاء العالم الإلكتروني، مما جعل الأمر يبدو كأن شيئا لم يحدث. فكيف أدافع عن نفسي لو كنت أنا مَن سجّلت الفيديو بنفسي؟
وقد حاولت الانتحار ثلاث مرات، أوشكتُ في إحداها على القفز من فوق أحد الجسور قبل أن ينزل أحد المارة من سيارته ويتحدث إليّ. ولا أدري إنْ كان يدري أنه أنقذ حياتي.
ولم تكن أمي تستخدم الإنترنت، ومن ثم فلم تدرِ شيئا عن القصة. وظننتُ أنّ وقتا طويلا سيمضي قبل أن تعرف أمي. وقلت لها إن ثمة شائعات عن فيديو، لكن لست أنا صاحبته.
لكن في أحد أيام الأحد، اجتمع أعضاء العائلة جميعا في منزلنا، وإذ بأخي ذي الأربعة عشر ربيعا يدخل ويرمي بهاتفه المحمول وسط المجلس، قائلا: "هذا فيديو موجود لأختي أولمبيا".
لحظتها انخرطت أمي في البكاء.
كان ذلك أسوأ يوم في حياتي. ألقيت بنفسي عند قدمَي أمي وطلبت منها الصفح ومن كل أعضاء أسرتي. وشعرتُ أنني مذنبة.
وقلت لهم إنني أريد أن أموت، وطلبت منهم أن يعينوني على ذلك.
وكان أنْ فاجأتني أمي، البسيطة التي لم تتم دراستها ولا تعرف الكتابة، بأن رفعتْ جبهتي ونظرتْ في عيني قائلة: "كلنا نخطئ، ابنة عمك، وأختك وأنا - كلنا نخطئ. الفارق الوحيد هو أنهم رأوكِ، وهذا لا يجعل منك مجرمة".
انتابتني الدهشة، وتابعتْ أمي قائلة: "لقد عشتِ حياتك الجنسية كالآخرين، وثمة دليل على ذلك. كان سيلحق بك الخزي لو أنك سرقت شيئا أو قتلت شخصا، أو حتى أسأت معاملة كلب".
وكانت هذه هي أول مرة أعرف فيها معنى التضامن الأنثوي، وأننا نحن الإناث عندما نتضامن نمثل قوة ضاربة.
وأعرف أنْ ليس لكل الفتيات أمهات كأمي، التي دعمتني في أوقاتي العصيبة. وتتعرض معظم الفتيات للنبذ في البيت أو المدرسة أو الجامعة أو مكان العمل - لا لشيء إلا لممارسة حياتها الجنسية.
وقامت أمي بفصل تليفون المنزل وكذلك الإنترنت، ووفرت لي حماية من العالم الخارجي. وجعلتني أشعر بالأمان في البيت.
لكن خارج المنزل كان الناس لا يزالون يلوكون اسمي، وكان البعض يأتي ويطرق باب البيت قائلا إن حديثا مثارا عن مقطع فيديو. وكنت أتوارى عنهم.
لا يدري الناس شيئا عن تبعات هذا النوع من العنف. إنه يقيد الحرية، وينتهك الخصوصية، ويحدّ الحركة والحياة. ولا تجد الضحية أمامها سبيلا غير الإذعان وذلك لظنها أنها خاطئة.
وهنا مكمن الصعوبة في الوصول للعدالة.
إن كل نَقرة "إعجاب" على أي من تلك المنشورات تعتبر اعتداء، ضربة. كما إن نشر مادة حميمة لشخص دون موافقته يشبه الاغتصاب.
لم تكن مضاجعة، وإنما اغتصاب؛ لأنهم استخدموا جسدي دون موافقتي. صحيح إنها نسخة إلكترونية منه، لكنه جسدي على كل حال.
تملّكني شعورٌ بأنني لن يتسنَّ لي مبارحة منزلي مرة أخرى. كنت أرى العالم عبر نافذتي.
لكن شيئين أخرجاني من هذه العزلة.

Wednesday, September 18, 2019

الهجوم على بقيق وخريص: ارتفاع حاد في أسعار النفط إثر الهجوم على منشآت سعودية

قفزت أسعار النفط إلى أعلى معدلاتها منذ اربعة اشهر بعد أن أدى هجوم على منشأتين نفطيتين سعوديتين السبت إلى خفض امدادات النفط في العالم بنسبة 5 في المئة.
وفي بداية التعاملات قفزت سعر خام برنت بنسبة 19 في المئة إلى 71.95 دولار للبرميل، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 15 في المئة إلى 63.34 دولار.
وانخفضت أسعار النفط بنسبة ضئيلة بعد أن وافق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على استخدام الاحتياطي الأمريكي.
وقد يستغرق الأمر عدة أسابيع قبل أن تعود المنشأتان السعوديتان للعمل بصورة كاملة.
وخفضت أرامكو، عملاق صناعة النفط المملوكة للدولة في السعودية، إنتاجها للنفط بنسبة 5.7 مليون برميل يوميا، في الوقت الذي تتأهب الشركة لما يُتوقع أن يكون أكبر إدراج لشركة في أسواق الأسهم.
وشهدت الضربات التي استهدفت قلب صناعة النفط السعودية توجيه ضربة لأكبر منشأة لمعالجة النفط في العالم. وأنحت الولايات المتحدة باللائمة على إيران.
وقال أبيشيك كومار، رئيس المحللين في شركة انترفاكس إنرجي في لندن إن "السلطات السعودية تزعم أن الحرائق تحت السيطرة، ولكن هذا لا يعني أنها اخمدتها. الخسائر التي تعرضت لها المنشآت في بقيق وخريص يبدو أنها كبيرة، وقد يستغرق الأمر عدة أسابيع حتى تعود الإمدادات إلى طبيعتها".
ومن المتوقع أن تستخدم السعودية احتياطياتها حتى تستمر الصادرات بمعدلاتها الطبيعية هذا الأسبوع.
ولكن مايكل تران، مدير استراتيجيات النفط في آر بي سي كابيتال ماركيتس في نيويورك، قال إنه "حتى في حالة عودة الإنتاج إلى معدلاته الطبيعية بسرعة، فإن التهديد بالقضاء على نحو ستة في المئة من الإنتاج لم يعد أمرا نظريا أو اكذوبة".
واتهمت إيران الولايات المتحدة بـ "الخداع" بعد أن قال وزير الخارجية الأمريكي مارك بومبيو إن طهران مسؤولة عن الهجوم. ورفض بومبيو مزاعم الحوثيين في اليمن أنهم نفذوا الهجوم.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن "توجيه اللوم لإيران سينتهي بكارثة" في اليمن.
واتهمت الرياض إيران بأنها مسؤولة عن هجمات سابقة على محطات لضخ الوقود، وهي اتهامات تنفيها طهران. ولكن السعودية لم تتهم أي طرف حتى الآن في هجومي السبت.
أصبحت البيانات الشخصية لمعظم المواطنين في الإكوادور متاحة على شبكة الإنترنت.
فقد عثرت شركة "في بي إن مينتور"، المتخصصة في أمن المعلومات، على أسماء ومعلومات مالية وبيانات مدنية خاصة بـ 17 مليون شخص من مواطني الإكوادور، بينهم 6.7 مليون طفل.
وكان هذا الكم الهائل من البيانات متاحا على أحد خوادم أمازون للتخزين السحابي، بصورة جعلت في إمكان أي شخص الاطلاع عليها.
أما الآن فقد بات الدخول على ذلك الخادم غير الآمن مقيدا بفضل تدخُّل فريق الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي في الإكوادور.
فضلا عن بيانات أساسية مثل: أرقام بطاقات الهوية الحكومية الرسمية، وأرقام الهواتف، وسجلات العائلات، وتواريخ الزواج، والسجلات التعليمية، وسجلات العمل.
وتضمنت البيانات سجلات مالية مدون بها أرصدة حسابات عملاء أحد البنوك الكبرى في الإكوادور. وفي ملف آخر، عُثر على سجلات ضريبية تضمنت أرقام العائدات الرسمية للشركات.
وقال باحثا الأمن المعلوماتي في الشركة: "هذا الاختراق للبيانات خطير، نظرا لكم المعلومات الفردية التي كشف عنها".
ونبه الباحثان إلى أنهما عثرا على 18 غيغا بايت من البيانات في عدد من الملفات محفوظة على خادم غير مؤمَن دشنته وتديره شركة  وهي شركة تسويق وتحليل بيانات إكوادورية .
وحتى الآن لم ترد شركة  على طلب من بي بي سي للتعليق على الأمر.
ونُشرت أخبار اختراق البيانات على موقع ZDNet، وقال الصحفي صاحب الخبر، كاتالين سيمبانو، إن هذه البيانات "قيّمة كالذهب في أيدي العصابات الإجرامية".
ونوه سيمبانو إلى أنه يمكن عبر بحث بسيط في البيانات الوصول إلى قوائم أثرياء الإكوادور، وعناوين منازلهم، وما إذا كان لديهم أطفال وسيارات وأرقام تلك السيارات.
واستدرك سيمبانو قائلا: "لكن الوصول للبيانات أصبح مقيدا الآن، بعد أن تنبّه فريق الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي للأمر".

Friday, April 26, 2019

محاكم دمشق تحارب الطلاق بفيلم عن مساوئه

تسعى المحاكم في العاصمة السورية دمشق للحيلولة دون طلاق الأزواج الساعين للانفصال بعرض فيلم عن النتائج السلبية المترتبة عن الطلاق، حسبما أعلن وزير العدل السوري.
وقال الوزير هشام الشعار إن الفيديو يعرض مشاهد لأطفال مشردين أو سجناء نتيجة لانفصال الأبوين.
ونشر الخبر على موقع "دمشق الآن" الإخباري. وأثار منشور عن الخبر بصفحة الموقع على فيسبوك الكثير من التعليقات، والتي جاء العديد منها ساخرا.
وقال أحد المعلقين "سيعرضون عليهم فيلم (زوجة الأب)"، بينما قال آخر "هل يمكن أن أشاهد فيلم (تايتانك) قبل الذهاب للطلاق؟".
لكن آخرين دافعوا عن المبادرة، حيث قال أحدهم "إنها فكرة عظيمة. الوقاية خير من العلاج".
وارتفعت معدلات الطلاق بعد أن أدت الانتفاضة التي اندلعت في سوريا في عام 2011 إلى صراع ونزوح ومتاعب اقتصادية.
وقالت محكمة رئيسية في دمشق إن حالات الطلاق في المدينة بلغت 31 في المئة عام 2017، بزيادة 4 في المئة عن العام السابق.
وعزت المحكمة الارتفاع إلى حالات الطلاق الناتجة عن تغيب أحد الزوجين. وفي بعض الحالات لم يكن الزوج أو الزوجة يعلمان ما إذا كان قرينهما حيا أو ميتا.
وشهد الطلاق في سوريا تغيرا كبيرا منذ أن سمحت الحكومة بأن تكون العصمة في يد الزوجة، شريطة موافقة الزوج.
وقال محمود المعراوي، القاضي الشرعي الأول بدمشق، في عام 2017 إنه منذ السماح بأن تكون العصمة في يد المرأة، طلقت 70 في المئة ممن حصلن على العصمة أنفسهن.
وفي العام السابق لذلك قال لصحيفة حزب البعث الحاكم إن الحرب في البلاد أدت لظهور أسباب جديدة غير مسبوقة للطلاق، معظمها أسباب اقتصادية ناجمة عن الصراع.
قال نشطاء إن ما يربو على 1600 مدني قُتلوا في قصف جوي وبالمدفعية شنته قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة خلال هجوم استهدف طرد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة الرقة السورية في عام 2017.
وقالت منظمة العفو الدولية ومنظمة "الحروب الجوية"، وهي منظمة تقوم بمراقبة وتقييم الأضرار المدنية الناجمة عن الأعمال العسكرية الدولية التي تهيمن عليها القوات الجوية، إنهما أجرتا تحقيقات في 200 موقع قصف ورصدتا ألف ضحية.
وحثت المنظمتان التحالف على "وقف ما يقرب من عامين من الإنكار" بشأن عدد القتلى.
وكان التحالف قد اعترف بمقتل 318 مدنيا عن غير قصد في الرقة.
ويقول القادة إن جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين قد اتخذت في تلك الحالات، وأن قرارات شن ضربات تخضع لقانون الصراع المسلح.
ونفذت دول التحالف، من بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، 34 ألف غارة في سوريا والعراق المجاورة منذ عام 2014، عندما اجتاح مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية مساحات شاسعة من أراضي البلدين وفرضوا حكمهم المتطرف على ما يقرب من ثمانية ملايين شخص.
واستعادت قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من التحالف، الشهر الماضي آخر جيب من الأراضي التي كان يسيطر عليها "الجهاديون"، ووضع نهاية رسمية لما أطلقوا عليه "الخلافة".
وقالت منظمتا العفو الدولية و"الحروب الجوية" إنه بعد إجراء تحقيق غير مسبوق، استطاعتا بناء قاعدة بيانات للمدنيين الذين قُتلوا نتيجة مباشرة للغارات الجوية الأمريكية والبريطانية والفرنسية والهجمات المدفعية الأمريكية التي نُفذت في مدينة الرقة من يونيو/ حزيران إلى أكتوبر/تشرين الأول 2017 لدعم هجوم بري لتحالف قوات سوريا الديمقراطية.
وقالت دوناتيلا روفيرا، كبيرة مستشاري برنامج مواجهة الأزمات في منظمة العفو الدولية، إن "قناصة وألغام تنظيم الدولة الإسلامية جعلت المدينة فخا للموت"، بيد أن "الكثير من عمليات القصف الجوي (للتحالف) كانت غير دقيقة، فضلا عن عشرات الآلاف من غارات المدفعية بطريقة عشوائية، لذا ليس من المفاجئ أنهم قتلوا وجرحوا مئات المدنيين".
وأضافت: "دمرت قوات التحالف الرقة، ولم يستطيعوا محو الحقيقة".
وحللت منظمتا العفو الدولية و"الحروب الجوية" معلومات مصادر مفتوحة، من بينها آلاف المشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي، لبناء قاعدة بيانات لما يزيد على 1600 قتيل مدني.
وأمضى الباحثون نحو شهرين على الأرض في مدينة الرقة، وأجروا تحقيقات في مواقع القصف ومقابلات مع أكثر من 400 شاهد وناج.
وقالت منظمة العفو إن الباحثين استطاعوا التحقق مباشرة من أسماء 641 ضحية، وكانت هناك تقارير قوية للغاية من مصادر متعددة تتعلق بباقي العدد.
كما حلل مشروع أُطلق عليه "متتبعو الضربات" أكثر من مليوني صورة بالقمر الصناعي بمشاركة ثلاثة آلاف ناشط رقمي من 124 دولة لأكثر من 11 ألف بناية مدمرة في الرقة.
وقالت منظمتا العفو الدولية و"الحروب الجوية" إن التحالف اعترف بمسؤوليته عن مقتل 159 مدنيا خلال الهجوم الذي استمر خمسة أشهر، لكنه رفض الكثير من التقارير التي تتحدث عن ضحايا ووصفها بأنها "غير موثوق بها".
وأضافت المنظمتان أن التحالف تقاعس عن التحقيق بشكل كاف في التقارير، لأنه لم يجر زيارات ميدانية أو يقابل شهود عيان وناجين.
وقال خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في تقرير العام الماضي إن معركة الرقة "اتسمت بانتهاكات ارتكبتها جميع الأطراف وكانت تكلفتها باهظة جدا بالنسبة للمدنيين".
وقال متحدث باسم التحالف لبي بي سي "إن أي خسائر في الأرواح غير متعمدة خلال هزيمة (تنظيم الدولة الإسلامية) شيء مأساوي. بيد أنه لابد من موازنتها مقابل خطر تمكين (تنظيم الدولة الإسلامية) من مواصلة أنشطته الإرهابية، وما يسببه من ألم ومعاناة لأي شخص".
وأضاف أن التحالف يلجأ "بشكل منهجي إلى تدابير مهمة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين" و"يوازن دائما بين خطر شن ضربة وتكلفة عدم الضرب".
وأصر المتحدث على أن التحالف أخذ جميع مزاعم وقوع ضحايا في صفوف المدنيين على محمل الجد، وأجرى تقييمات شاملة، مشيرا إلى أنه في حالة غياب معلومات كافية أو لم تكن ثمة أي ضربة من التحالف تطابق الوقت والمكان، يجري استبعاد مثل هذه المزاعم.
وقال المتحدث "أمدتنا منظمة العفو الدولية بـ 86 من تلك المزاعم الجديدة بشأن الرقة، خضع 43 منها لتقييم بالفعل على أنها ذات مصداقية، أو مُبلغ عنها سابقًا أو اعتبرت غير ذات مصداقية لعدم مطابقتها لسجلات الضربات لدينا".
وأضاف "طلبنا من منظمة العفو الدولية تزويدنا بمعلومات إضافية بشأن المزاعم المتبقية وعددها 43 إن كانت متوفرة لديها حتى نتمكن من تحديد ما إن كان باستطاعتنا إجراء تحقيق".

Friday, March 15, 2019

هل ستشعر بارتياح في مقابلة عمل مع جهاز روبوت؟

تجري جهات توظيف في السويد الآن تجارب على أول جهاز روبوت في العالم صمم لإجراء مقابلات التوظيف بطريقة منصفة. فهل يمكن له أن يخرج بنتائج أفضل من البشر؟
ويُطلق على هذا الروبوت الأنثى اسم "تينغاي"، ويبلغ طوله 41 سنتيمترا، ويزن 35 كيلوغراما.
وحين توضع "تينغاي" على الطاولة فإنها تكون في مستوى العينين مباشرة أمام الشخص المرشح للوظيفة، والذي يخضع للمقابلة من جانب "تينغاي".
ومع بداية المقابلة، يستدير وجهها الأصفر المتوهج قليلا، وتطرف بعينيها وتبتسم ابتسامة خفيفة قبل أن توجه أول أسئلتها إلى من أمامها: "هل سبق لك أن خضعت لمقابلة مع جهاز روبوت؟"
وكانت فكرة تينغاي، التي طورتها شركة "فورهات روبوتيكس" المتخصصة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والروبوتات المخصصة للأغراض الاجتماعية، وليدة مشروع بحثي نفذه معهد "كيه تي اتش" الملكي للتكنولوجيا بالعاصمة السويدية ستوكهولم.
وعملت الشركة خلال السنوات الأربع الماضية على بناء روبوت حاسوبي يشبه البشر ويمكنه تقليد الطريقة التي نتحدث بها، والتعبيرات الدقيقة لوجوهنا. وبحسب غابرييل سكانتزيه، كبير الباحثين، فإن الفكرة تتمثل في أنه "يقلل شعورك بالغرابة أو الخوف بكثير، مقارنة بالروبوتات التقليدية".
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2018، تتعاون هذه الشركة الناشئة مع شركة "تي إن جي"، وهي واحدة من كبرى شركات التوظيف في السويد، ويهدفون بذلك لأن يمنح المرشح للوظيفة فرصة لخوض مقابلة بعيدا عن أي تحيزات غير مقصودة عادة ما يقع فيها المديرون أو الموظِّفون أثناء عملية اختيار الموظفين، في حين تكون تجربة المقابلة "أقرب لكونها مقابلة مع بشر".
وقالت إيلين أوبيرغ مارتنزون رئيسة قسم الابتكار في مكتب شركة "تي إن جي" للتوظيف بوسط استوكهولم إن "من النموذجي أن تستغرق سبع ثوان لتكوين انطباع أولي عن الشخص الذي أمامك، كما يمكن لموظف التعيين أن يستغرق ما يتراوح بين خمس دقائق و15 دقيقة ليتخذ قراره"، لذا فهم يسعون لأن يتفوقوا على ذلك.
ومن بين التحيزات غير المقصودة إصدار أحكام افتراضية على كفاءة من أمامك بناء على أمور منها جنسه أو عرقه أو صوته أو مستواه التعليمي أو مظهره، أو حتى من انطباع تكوّن من محادثة غير رسمية سبقت المقابلة أو تلتها.
وأضافت مارتنزون: "على سبيل المثال، لو سألتك في بداية المقابلة عما إذا كنت تحب لعبة أفضلها أنا مثل الغولف، ورددت علي بالإيجاب فعندها قد أعتبر ذلك بطريقة ما نقطة إيجابية في المقابلة."
وعلى العكس من ذلك، فإن "تينغاي" لا تنخرط في محادثات سابقة للمقابلة، كما أنها تطرح جميع أسئلتها بطريقة واحدة وبنفس النبرة والترتيب، ويعتقد أن ذلك يجعل من المقابلة أكثر إنصافا وموضوعية.
وبعد ذلك، تحصل جهة التوظيف أو المدير على نص مكتوب لكل مقابلة، ومن خلاله- وبناء على إجابات المرشحين فقط- يجري اختيار من سيمنح الفرصة لبلوغ المرحلة التالية في عملية اختيار الموظفين.
وترى بيترا إليسون، وهي موظفة خمسينية تعمل في التوظيف في مجال الرعاية الطبية، أنه في حال وجود عملية توظيف كبيرة أمامك بها عدد كبير من المرشحين للوظيفة، فإن وجود روبوت آلي من دون مشاعر أو تعابير يعتبر أمرا جيدا للغاية.
وتشارك إليسون في جزء من هذه التجارب، مرة كموظفة تعيين تعمل على تحليل نصوص المقابلات مع المرشحين للوظيفة، وأخرى كشخص يخضع للمقابلة بنفسه.
وقالت إليسون: "كنت متشككة قبل إجراء تينغاي المقابلة معي، لكنني خرجت من المقابلة بصدمة كبيرة. ففي البداية تملكني شعور عارم بأنها جهاز روبوت، إلا أن ذلك الشعور تلاشى تماما مع مرور الوقت أثناء المقابلة ونسيت أنها روبوت وليست بشرا."
إلا أن الروبوتات تجري برمجتها من قبل البشر، وتعمل على تحليل البيانات التي يجمعها البشر كما أنها تتعلم من سلوكهم، فهل يمكن أن تنتقل إليهم تلك التحيزات البشرية؟
تقول شركة "فورهات روبوتيكس" إنها تسعى للتخلص من ذلك بإجراء عدد من المقابلات التجريبية التي تعتمد على عدد كبير ومتنوع من المتطوعين. وبحسب غابرييل سكانتزيه، فإن هذه الروبوتات "ستكتسب مهارتها من عدد كبير من اختصاصيي التوظيف، ولن يكون أمامها سلوك معين لشخص ما بعينه".
وبعد أشهر من التجارب، ستبدأ "تينغاي" إجراء المقابلات بشكل حقيقي مع مرشحين في أواخر مايو/أيار. ويعمل مختصون في عملية التوظيف ومطورون للروبوتات على الخروج بنسخة منها تتحدث اللغة الإنجليزية، وينتظر أن يجري طرحها في أوائل عام 2020.
ويهدف المطورون بذلك إلى أن تصبح تينغاي متطورة بما فيه الكفاية لتتمكن من اتخاذ القرار بنفسها حول ما إذا كان بإمكان مرشح ما أن يتقدم للخطوة التالية في عملية التوظيف، بدلا من الاعتماد على البشر للنظر في نصوص المقابلات.
وتولي السويد مساحة خاصة لتجارب التوظيف من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي، خاصة وأن هذه الدولة الصغيرة تشهد نقاشا محتدما حول مسألة التنوع العرقي في سوق العمل نتيجة الرقم القياسي في معدلات الهجرة خلال الأعوام الماضية.
وتنتشر البطالة بين السكان الأصليين في السويد بنسبة تقارب أربعة في المئة، لكن ذلك الرقم يرتفع بين المواطنين الذين ولدوا خارج البلاد ليقترب من 15 في المئة.
وطبقا لإحصاء حديث أجرته شركة "تي ان جي"، يعتقد 73 في المئة من الباحثين عن الوظائف في السويد أنهم تعرضوا للتمييز في ترشيحهم للوظائف بناء على عوامل منها الجنس، والعرق، والسن، والميول، الجنسية، والمظهر، والوزن، والحالة الصحية، والإعاقة.
لذا، يرى بعضهم أن روبوتات مثل "تينغاي" يمكن أن تعتبر خطوة أولى رائعة في عملية التوظيف؛ لأنها لا تحمل أي أنماط للتفكير إزاء لهجتك أو لكنتك أو البلد الذي جئت منه.